الإيمان والانقلاب الشامل
مثال: آخر: لما كان المسلمون في الحال التي كانوا عليها قبل الإسلام، والتي قال لهم كسرى فيها: كنتم تأكلون الميتة، وتقطعون الرحم، وتنهبون الطريق، وتفعلون وتفعلون، فما الذي جاء بكم؟!
إن كان ذلكم الجوع أطعمناكم، وإن كان العري كسيناكم، وإن كان الظلم أمّرنا عليكم ملكاً عادلاً، فقالوا له: أيها الملك، قد كان فينا مثل ما تقول وأعظم، ولكن الله بعث فينا نبياً هو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته، وأنزل عليه الهدى والنور المبين، فاتبعناه وآمنا به، فابتعثنا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لنخرج العباد من عبودية العباد إلى عبودية الله وحده لا شريك له، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.. لأن السعة والسعادة والطمأنينة لا تكون إلا بالإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فمن أول لحظة أنزل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيها إبليس وأبانا آدم عليه السلام قال: ((قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى))[طه:123] فهذه تكفل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بها: ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً))[طه:124-125] وذلك لأن الأصل أن الإنسان يحشر يوم القيامة مثلما كان في الدنيا ولذلك فإنه هنا يقول: أنا لم أكن أعمى حتى تحشرني يوم القيامة أعمى: ((قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى))[طه:126] أي: بسبب أنك تعاليت عن كتاب الله وتعاليت عن سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن اتباع أمر الله؛ فاليوم تحشر أعمى.